الأحد، 11 يونيو 2017

زراعة المانجو في السودان

                                                                        بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة :
    تزرع المانجو في جميع أنحاء السودان في الأراضي الطميية والخفيفة على ضفاف الأنهار والأودية . أهم المناطق لزراعتها تتركز على ضفاف النيل الأزرق ونهر الرهد ونهر النيل ومنطقة أبو جبيهة بجنوب كردفان وجنوب وغرب دارفور ومنطقة كسلا كما تنتشر أشجار المانجو في شكل غابات طبيعية في معظم الولايات الجنوبية . تبلغ المساحة المزروعة بالمانجو في السودان حوالي 65,426 فدان ويصل إنتاجها إلي 602,330 طن في العام بمتوسط إنتاجية 8 طن للفدان {جدول رقم (1)}.
    الصنف السائد هو الصنف البلدي الذي يشكل أكثر من 90% من المساحات المزروعة ويمتاز بالنكهة المميزة ونسبة السكريات العالية إلا أن أهم عيوبه وجود الألياف مما يجعله غير صالح للصادر الطازج.
   زراعة المانجو في كل أنحاء السودان هي زراعة تقليدية حيث يوجد أكثر من صنف في المزرعة ، مساحات المزارع صغيرة ومبعثرة ، الري في الغالب غير منتظم ، التسميد نادر أو غير موجود ، لا يوجد تقليم تربية ، مسافات الزراعة متباينة وفي الغالب تزيد عن 10×10 متر . الحصاد تقليدي حيث ترتطم الثمار بالأرض والفاقد بعد الحصاد قد يصل إلي 50% . هذا النظام التقليدي لزراعة المانجو في السودان هو نتاج لظروف اقتصادية غاب فيها التخطيط العلمي والإرشاد البستاني في بلاد تملك من الإمكانيات البيئية والبشرية ما يجعلها في مصاف الدول المنتجة والمصدرة للمانجو في العالم.
المميزات النسبية للسودان في إنتاج المانجو للصادر :
1. تعدد أصناف المانجو في السودان :
    يوجد اليوم في السودان ما يزيد عن 40 صنف من أصناف المانجو . تختلف هذه الأصناف في صفاتها الفيزيائية والكيميائية وتتراوح من الأصناف البلدية والبذرية التي تشكل نسبة عالية من الإنتاج إلي الأصناف المعروفة في التجارة العالمية مثل الفونس وزبدة وملقوبا. وتختلف هذه الأصناف في مواعيد نضجها فهنالك أصناف مبكرة مثل الأصناف البلدية وأصناف متوسطة في مواعيد النضج مثل الفونس ومبروكة وتيمور وأصناف متأخرة النضج مثل أبو سمكة . كل هذه الأصناف تصلح للتصنيع كمركزات أو شرائح وبعضها يصلح للصادر الطازج للأسواق الأوربية والبعض للصادر الطازج للأسواق العربية.
تتميز العديد من هذه الأصناف بجودة عالية ونكهة ممتازة في ظروف السودان البيئية مقارنة بالعديد من دول العالم الأخرى وخير مثال لذلك أبو سمكة الذي يتميز بالإضافة إلي تأخره في النضج وتحمله للترحيل بنكهة ممتازة وجودة عالية في الأسواق الأوربية.
2. طول فترة موسم الإنتاج للمانجو في السودان :
   يختلف موعد أزهار المانجو باختلاف الأصناف ومناطق الزراعة المختلفة بالسودان { جدول رقم (2)}. بالرغم من أن فصل الشتاء هو الموسم الرئيسي للأزهار إلا أن موسم الأزهار الرئيس يمتد من نوفمبر في مناطق جنوب النيل الأزرق وولاية سنار حتى مارس في شمال السودان . وفي بعض المناطق في جنوب وغرب كردفان وولاية سنار وجنوب النيل الأزرق يوجد موسمين للأزهار خاصة للمانجو البلدية وأبو سمكة حيث يكون هنالك أزهار في غير الموسم في يونيو ويوليو بالإضافة للموسم الرئيسي.
    نتيجة لاختلاف موسم الأزهار لأصناف المانجو المختلفة في مناطق زراعة المانجو في السودان يمتد موسم الأثمار في السودان لفترة تزيد عن 9 أشهر { شكل رقم (1)} ، ففي ولاية النيل الأزرق ومنطقة سنجة في ولاية سنار يبدأ موسم الإنتاج الرئيسي في فبراير ويستمر حتى مايو وفي ولاية كردفان ( أبو جبيهة  وما حولها ) يبدأ الإنتاج في يناير ويستمر حتى أبريل ، أما في الولايات الوسطي وولاية كسلا يتركز الإنتاج في مايو ويونيو وفي ولاية نهر النيل يبدأ الإنتاج في يونيو ويستمر حتى يوليو بينما يبدأ بالولاية الشمالية في يوليو ويستمر حتى أغسطس .
3. ثمار المانجو السودانية من المنتجات العضوية :
   تخلو ثمار المانجو السودانية من الملوثات الكيميائية مما يزيد من مقدرتها التنافسية في الأسواق العالمية ، ويمكن اعتماد أغلب مزارع المانجو بالسودان ضمن منظومة الإنتاج العضوي.
4. موقع السودان المتميز :
   وفرة موارد السودان الطبيعية وقربه من موانئ الشرق الأوسط وأوربا يساعد على التوسع في زراعة المانجو وتصديرها للدول العربية والأوربية.
صادر المانجو السوداني والمشكلات :
   تمثل المانجو صادر السودان البستاني الأول ورغم أن إنتاجية المانجو في السودان تزيد عن 600,000 طن في العام إلا أن صادر المانجو لم يتجاوز الـ 6000 طن بكثير (جدول 3) أي أن صادر المانجو يمثل حوالي 1% من الإنتاج الكلي.
   أهم الدول المستوردة هي السعودية التي تستوعب ما يزيد عن 75% من صادر المانجو الكلي ثم تأتي سوريا ، لبنان ، الأردن ، الأمارات وقطر وكميات قليلة تذهب للأسواق الأوربية.
أهم المشكلات التي تواجه صادرات المانجو
- قلة المساحات المزروعة بأصناف الصادر وبالتالي قلة الإنتاج ، فالصنف الغالب في كل مناطق إنتاج المانجو بالسودان هو الصنف البلدي وهو صنف معروف بصفاته غير المرغوب فيها في كثير من الأسواق العالمية .
- طرق الحصاد التقليدي التي تؤدي إلي تساقط الثمار على الأرض وبالتالي تلفها.
- ضعف كفاءة عمليات ما بعد الحصاد وعدم وجود وحدات تعبئة تتم فيها معاملات ما بعد الحصاد مثل الغسيل والتعقيم والفرز والتدريج والتعبئة.
- جهل المصدرين بالمواصفات القياسية ومعايير الجودة التي تحكم تداول ثمار المانجو ورغبات المستوردين.
- الترحيل المبرد والتسويق.
- ارتفاع تكلفة الترحيل ومواد التعبئة.
- ارتفاع رسوم العبور والضرائب.
تصنيع المانجو السوداني والمشكلات :
   يمكن تلخيص المشكلات التي تواجه تصنيع المانجو في النقاط الآتية :
1. عدم توفر البنيات التحتية من شبكات طرق معبدة وعربات مبردة في معظم مناطق الإنتاج بالإضافة إلي ضعف مقومات التصنيع الأخرى مما يزيد من تكاليف الترحيل ويؤثر على سلامة المحصول.
2. عدم التخصصية في زراعة الأصناف الجيدة الصالحة للتصنيع في مناطق الإنتاج وعدم توفرها بكميات اقتصادية للتصنيع.
3. غياب تشجيع الاستثمار في مجال تصنيع المانجو بغرض الاستهلاك المحلي والصادر.
بعض الجهود البحثية لتطوير المانجو في السودان :
1. ظلت الطريقة التقليدية لإكثار المانجو في السودان هي التطعيم باللصق وهي طريقة عقيمة تنتج عدد محدود من الشتول ، وقد أجريت العديد من الأبحاث في السنوات الأخيرة وذلك بغرض إيجاد بديل لإكثار المانجو عن طريق التطعيم باللصق وتم التوصل للطريقة المعدلة للتطعيم بالشق وأجيزت كتقانة وهي طريقة سهلة ويمكن إجراؤها بسهولة في كل المشاتل وعن طريقها يمكن إنتاج أعداد  كبيرة من الشتول للأصناف المختلفة في فترة وجيزة.
2. أجريت العديد من الأبحاث لتقييم أصناف المانجو في السودان من حيث صفاتها الفيزيائية والكيميائية ، درجات الحرارة المناسبة لتخزين هذه الأصناف ، فترة التخزين ، وتأثير غاز الإيثلين على إنضاج الثمار.
3. أجريت العديد من التجارب لتحفيز الأزهار في بعض أصناف المانجو السودانية المنتظمة الحمل خارج موسم الأزهار الرئيسي والأصناف التي تحمل صفة تبادل الحمل باستخدام مثبطات تصنيع الجبرليين وقد أثبتت النتائج فعالية مركبي باكلوبترازول وبروهيكسادايون – كالسيوم  Prohexadione-Ca, Paclobutrazol في تحفيز الأزهار في المانجو خارج موسم الأزهار الرئيسي وفي سنين الحمل القليل في الأصناف التي توجد بها ظاهرة تبادل الحمل . هذه المركبات آمنة خاصة مركب بروهيكسادايون كالسيوم ويمكن استخدامها بسهولة للتحكم في أزهار المانجو لتنظيم مواعيد إنتاج المانجو في السودان .
4. أجريت العديد من الدراسات العلمية في مجال تصنيع ثمار المانجو بمركز بحوث الأغذية بشمبات حيث تم إنتاج الكثير من المنتجات الخاصة بالمانجو ( العصائر ، المربي لفائف المانجو ، لب المانجو المركز ). كما تمت تعبئة مركزات المانجو وأرسلت للعديد من الأسواق الخارجية حيث وجدت إقبالا كبيراً في هذه الأسواق . تميزت الأصناف غير البلدية ( أبو سمكة وغيرها ) بنسب استخلاص عالية ( 70 – 75% ) مقارنة بالأصناف البذرية ( 50 – 55%).
نتيجة لهذه الدراسات يمكن القول بأن المعلومة الفنية المتعلقة بالتصنيع متوفرة ويمكن تطبيقها متى ما تهيأت الظروف الملائمة لذلك.
5. في السنوات الأخيرة أدخلت العديد من الأصناف العالمية من جنوب أفريقيا مثل تومي اتكنز و  KentوSensation  و  HadenوKeitt    وقد أثبتت بعض نتائج التقييم نجاح هذه الأصناف تحت ظروف السودان البيئية ( جدول 4) . تحتاج هذه الأصناف إلي متابعة لصيقة من الباحثين والمهتمين بالبساتين بغرض متابعة تقييمها والتوسع في إكثارها.
6. تجري حالياً العديد من الأبحاث لدراسة ظاهرة التشوه الخضري والزهري في المانجو من مهتمين بفلاحة المحصول ومختصين في أمراض النبات ويتم في هذه الدراسات تقييم أثر  الأصناف وبعض منظمات النمو والأسمدة الورقية على تطور الظاهرة كما تتم دراسة كيفية انتقال هذه الظاهرة بالتطعيم . كما تجري البحوث الآن لتحديد أنجع السبل لمكافحة ذبابة الفاكهة في المانجو وذلك تحت إشراف مختصين في علوم الحشرات في السودان والمركز الدولي لأبحاث ايكولوجيا الآفات بكينيا . وينصح باستخدام الشراك الفرمونية الجاذبة للحشرة الكاملة قبل وصولها للثمار وكذلك استخدام الطعوم الجاذبة المعاملة للحشرة كما ينصح بنظافة مزارع المانجو وحرق الثمار التالفة أو دفنها عميقا. أيضا ينصح بالإسراع بحصاد ثمار المانجو عند اكتمال نضجها وكل ذلك بغرض تقليل الإصابة بالحشرة.
7. تجري حالياً دراسات عن مدي نجاح الزراعة المكثفة لأشجار المانجو في السودان حيث تستخدم بعض الأصناف السودانية وبعض الأصناف المستوردة من جنوب أفريقيا وقد تمت زراعة الأشجار على أبعاد مختلفة وتستخدم طرق مختلفة لتقليم الأشجار بغرض التحكم في حجم الشجرة .
8. قامت الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس بأعداد المواصفات القياسية الخاصة بتحديد جودة ثمار المانجو الموجهة للتصدير مثل التصنيف الدرجي والاشتراطات الخاصة بالحجم وأحكام متطلبات العرض مثل التجانس والتعبئة ، الأحكام المتعلقة بالتسويق ومواصفة كرتونة تعبئة المانجو المعد للتصدير.
نحو إستراتيجية قومية لتطوير إنتاج وصادرات المانجو
1. عمل مسح بستاني لأشجار المانجو في السودان لمعرفة المساحات المزروعة ، الأصناف والمساحات التي يمكن التوسع فيها في مناطق زراعة المانجو المختلفة وذلك بغرض توفير ثمار المانجو بصورة منتظمة وبكميات تجارية أطول فترة ممكنة من العام.
2. دراسة احتياجات السوق المحلي وسوق الصادر من الثمار الطازجة والمركزات من حيث الكمية والنوعية . هذه الدراسة ضرورية لوضع خطة قومية لتطوير إنتاج المانجو في السودان . في هذه الدراسة يتم تحديد الأصناف المرغوب في التوسع فيها والإنتاج الكلي المستهدف.
3. قيام مشاتل متخصصة بتقنيات عالية لإكثار شتول أصناف المانجو المرغوب فيها والخالية من الأمراض وذلك باستخدام أمهات معتمدة كمصدر للطعوم للحصول على شتول خالية من الأمراض وتنظيم إدخال أي أصناف جديدة مرغوبة في الأسواق العالمية.
4. التوسع في زراعة أصناف المانجو المرغوبة في أسواق الصادر والتي تصلح سواء للصادر الطازج أو التصنيع الغذائي في خطة قومية تتركز فيها زراعة هذه الأصناف في أنسب المناطق التي تجود بها في السودان وفي مساحات كبيرة يتم تجميع المزارعين فيها بغرض خلق وحدات إنتاج كبيرة.
5. التوسع الأفقي في زراعة المانجو يجب أن يستوعب اختلاف موسم الأثمار في مناطق زراعة المانجو المختلفة في السودان بحيث يضمن توفر الثمار لأطول فترة ممكنة خلال العام.
6. ضرورة وجود مزارع متخصصة لزراعة أصناف محددة سواء أكان ذلك للصادر الطازج أو التصنيع الغذائي.
7. الاهتمام باعتماد مزارع المانجو في السودان ضمن منظومة الإنتاج العضوي وذلك بالاتصال بالمؤسسات المتخصصة في هذا المجال علماً بأن تجارة المنتجات البستانية الناتجة من الزراعة العضوية في ازدياد مضطرد في الأسواق الأوربية وحتى الأسواق العربية وتجني تلك المنتجات أرباحاً طائلة.
8. التوجه نحو الزراعة المكثفة لأشجار المانجو . يلاحظ أنه رغم عدم اكتمال البحوث في هذا المجال في السودان ألا أن تجارب العديد من الدول حولنا اتجهت نحو الزراعة المكثفة بزيادة عدد الأشجار في وحدة المساحة ويصاحب هذا النظام التقليم المستمر والتحكم في حجم الأشجار بحيث يسهل حصادها دون أضرار أو إصابات . ويجب إنشاء مزارع نموذجية إرشادية لتشجيع المزارعين على الزراعة المكثفة.
9. تطوير طرق حصاد المانجو وتجويدها من أجل تحقيق الجودة العالية للثمار وذلك باستخدام خطاطيف مزودة بسلال لحصاد الثمار أو أي من طرق الحصاد غير التقليدي.
10. قيام ما يسمي بمراكز الصادرات البستانية لكل وحدة من وحدات الإنتاج الكبيرة على
     أن تكون هذه المراكز موقعا لتجميع ثمار المانجو حيث يجلب إليها المزارعون
     إنتاجهم من الثمار ويجب أن يشتمل المركز علي :
أ‌. وحدة فرز وتعبئة تتم فيها معاملات ما بعد الحصاد مثل الغسيل والتعقيم ، الفرز ، التدرج والتعبئة .
ب‌. أن تكون به غرف مبردة لحفظ ثمار المانجو قبل ترحليها وأن تتم الاستفادة من مخلفات الفرز لقيام وحدات للتصنيع.
11. دعم ومواصلة البحوث في مجال مكافحة الأمراض والآفات بالمانجو بإتباع طرق
     المكافحة المتكاملة وإجراءات الحجر الزراعي الوقائي.

هناك تعليق واحد:

  1. بسم الله الرحمن الرحيم
    شكرا علي المعلومات القيمة
    احتاج لمعلمومات عن المانجو في منطقة ابوجبيهة جنوب كردفان ( الاصناف - هل يمكن تصديرها)

    ردحذف